لماذا لا ينتصر أحد في اليمن؟
يمنات
وضاح اليمن الحريري
بمناسبة الاستعداد لدخول الحرب في اليمن عامها الخامس، لم يعد مستغربا لدى الكثيرين ان الحرب في اليمن، إنما صيغت كحرب محدودة لا نهاية لها، حرب مثخنة بجراح اليمنيين ومآسيهم، لم يعد على سبيل المثال بامكان الطيران ان يقصف اي اهداف يكون تدميرها فارقا في مسار الحرب، كذلك فإن تكدس السلاح صار مسألة في غاية الخطورة والحرج بعد ان اصبح احد مصادر القوة لأطراف سياسية خارج بنية الدولة التي تتلاشى مع كل يوم يمر، ولم يعد غريبا أن تحل الخلافات الاجتماعية بمنطق القوة والسلاح، او ان يتشاجر اثنان في احد الباصات ليستقوي احدهما بالسلاح على الاخر في عدن العاصمة المؤقتة لليمنيين ونفس المشهد يتسع ليشمل باقي المناطق المحررة.
وفي احتفالية الدخول هذه في العام الخامس للحرب يمكن القول ان المتصارعين لم يعودوا يحبذون اي فكرة لانتهائها لأنهم سيسائلون وسيواجهون بكثير من الأسئلة والقضايا، وليس هم وحدهم بل هناك قائمة قيادات دول التحالف التي دخلت لعبة لم تستطع انهائها في المدى المتاح لها.
المسألة محرجة اذن، حيث لم ينتصر مشروع الحوثيين وإن عكس نموذجا معينا من طغيان الحركات المسلحة الشمولية، ولم ينفصل الجنوب بعد ان قدمت الشرعية نفسها كمنافس شديد المراس في الساحة الجنوبية لقوى الاستقلال الجنوبي، وسحبتها من خانة التسيد على الساحة الى هامش المشهد السياسي كقوة مناوئة لاستقرار الدولة، ولم تنجح الشرعية ذاتها في تحقيق نصر حاسم يقودها لفرض تحالفاتها على الاخرين، ولم تفلح دول التحالف في ايجاد وكلاء حصريين وناجحين تعتمد عليهم وتسلمهم الدولة كبديل عن الشرعية التي دعمتها لأربع سنوات متتالية، وبين كل هؤلاء تعلقت بعض القوى السياسية والمحلية، واصبح باب صراع المصالح مفتوح على مصراعيه، كل بحسب الأدوات المتاحة له في الاستخدام، ووفق قواعد لم تأخذ بعد شكلها النهائي لادارة الصراع والاختلافات والعناية بمصالح الجميع، حيث يشك البعض بوجود تدخلات اخرى لم يحن اوان الاعلان عنها بعد، قد يرتبط معظمها باطراف دولية لها حسابات ذات بعد اكثر اتساعا ضمن حساباتها الدولية، كأن تترك بريطانيا الامارات تنتهي كدولة لتحقق استقرارا مضمونا لعدن تحت سيطرتها في مواجهة الصين دعما لحليفتها الولايات المتحدة، هذا الامر الذي سيفتح شهية ايران لضم الجزء الشرقي لشبه جزيرة العرب بعد ان تستولى على غرب الخليج، ولذلك ستظل دول التحالف تلعب في اليمن لعبة الحرب هذه حتى تقنع حلفائها الدوليين أن الامر في عدن لا يستحق الرهان عليه، بينما تكتفي الشرعية بالتفرج سيظل الحوثيون يحاربون من اجل اثبات احقيتهم كبدلاء مناسبين تختارهم السعودية لو قررت التفكير بذلك بنوع من العقل؛ وسيصبح في حالة كهذه على قوى الاستقلال الجنوبي ان تظل على الرف حتى ياتي وقتها.
المصالح الخفية لم تظهر بعد وانصار المشروع المقترح أعلاه مازالوا يأملون ان لا مخرج للحرب في اليمن، سوى معادلة دولية كبرى تتخذ الصين وروسيا بشانها بعض الاعتبارات، عدا ذلك فإن مصير ملايين اليمنيين سيظل معلقا بأهواء القوى المحلية التي تبذل كل جهدها لاقناع داعميها بانهم الأفضل، آملا في دعمهم بمزيد من المال والسلاح كي يثبتوا صحة موقفهم وقدرتهم على السيطرة، لقد صارت حتى المشاريع البسيطة يقوم بزيارتها القادة الرسميون في جهاز الشرعية والمعارضون لهم من القوى المنافسة في المناطق المحررة باعتبار ان الحرب لن ينتصر فيها احد، وبالتالي يحق لكل دولة مستقلة في اليمن ان ترعى مشاريعها سواء دولة الجنوبيين او دولة الشرعية او دولة الحوثي او اي دولة اخرى قادمة ومصنعة في اليمن بحسب عدد الأيادي التي صارت تعبث فيها.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.